جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
133358 مشاهدة
النظر والتأمل في خلق الجبال

...............................................................................


ما بث الله تعالى فيها من دابة فيذكر الله تعالى عباده كما في قوله تعالى: وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ فيخبر تعالى بأنه ألقى في الأرض رواسي. أي: هذه الجبال الراسية الراسخة، جعلها ممسكة للأرض حتى لا تميد. أي: حتى لا تضطرب وتتحرك فلا يحصل عليها استقرار مع أن الله قادر على أن يمسكها، ولكن جعل هذه الجبال سببا في إمساكها على الأرض رابية عن الحركة، وأيضا ففي هذه الجبال أيضا منافع قال تعالى: وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلَامَاتٍ فجعل بين الجبال سبلا. يعني طرقا يسلكها السائر ويعرف بها الطرق، ويعرف بها المدن التي يتوجه إليها.
وكذلك قال تعالى وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا أي: جعل فيها أنهارا، وذلك أن فيها هذه الأماكن التي تخزن الماء كما قال الله تعالى: وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ أي: لا تستطيعون أن تخزنوا الماء الذي ينزل من السماء في أوانيكم ومواعينكم وقربكم، ولكن جعل الله له مخازن في جوف الأرض، ثم جعل فيها أيضا عيونا. أي في بعض البقع عيون تنبع من الأرض. إذا امتلأت تلك المخازن التي في الجبال مثلا أو التي في الأرض المرتفعة نبعت مع تلك العيون وساحت، وصار الناس يتصرفون فيها، يسقون بها أشجارهم، ويسقون بها أنعامهم وينتفعون بها، ولو انقطعت عنهم لهلكوا، لو انقطع عنهم هذا الماء الذي ينزله الله تعالى ويجعل له مخازن تحفظه، ولم يجدوا ماء يسقون به أنفسهم أو أشجارهم أو دوابهم لهلكوا، ولكن الله تعالى رحيم بعباده حيث جعل في هذه الأرض مستودعات لهذا الماء حتى يستخرج. لا شك أن هذه آية عظيمة وعبرة لمن اعتبر.